كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


392 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عن حكم صرف الزكاة في بناء المساجد‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يجوز صرف الزكاة إلا إلى الأصناف الثمانية الذين ذكرهم الله، لأن الله ذكر ذلك على سبيل الحصر بإنما فقال‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏}‏ فلا يجوز صرفها في بناء المساجد وتعليم العلم ونحو ذلك، وأما الصدقات المستحبة فالأفضل أن تكون فيما هو أنفع‏.‏

* * *

492 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل صرف الزكاة في بناء المساجد ينطبق عليه قوله تعالى في شأن أهل الزكاة ‏{‏وفي سبيل الله‏}‏‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إن بناء المساجد لا يدخل في ضمن قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَفي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏}‏ لأن الذي فسرها به المفسرون أن المراد في سبيل الله هو الجهاد في سبيل الله، ولأننا لو قلنا‏:‏ إن المراد في سبيل الله جميع وجوه الخير لم يكن للحصر في قوله‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ‏}‏ فائدة، والحصر كما هو معلوم إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه، فإذا قلنا‏:‏ إن في سبيل الله يعني جميع طرق الخير‏.‏ فإن الآية تبقى غير ذات فائدة بالنسبة لتصديرها بإنما الدالة على الحصر، ثم إن في جواز صرف الزكاة لبناء المساجد وطرق الخير الأخرى، تعطيل للخير؛ لأن كثيراً من الناس يغلب عليهم الشح، فإذا رأوا أن بناء المساجد، وأن طرق الخير يمكن أن تنقل الزكاة إليها، نقلوا زكاتهم إليها وبقي الفقراء والمساكين في حاجة دائمة‏.‏

* * *

592 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز بناء المساجد من الصدقات الجارية‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نعم بناء المساجد من الصدقات الجارية غير الزكوات جائز، وتكون صدقة جارية، وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أنه جرت عادة الناس في بعض البلاد أنهم يجعلون أوقافاً يخصون بها بعض الورثة بعد موتهم، فيحصل بهذه الأوقاف من النزاع بين الذرية ما يتعب الذرية ويتعب القضاة أيضاً، ولو أن الناس جعلوا وصاياهم للأقارب الذين لا يرثون ـ فيعطون صدقة مقطوعة ـ ولبناء المساجد لكان خيراً، أما كونها للأقارب الذين لا يرثون فإن الله تعالى قال في القرآن‏:‏ ‏{‏كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَْقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ‏}‏ ولكن الوصية للوالدين نسخت بآيات المواريث، وكذلك الوصية للأقربين الوارثين نسخت بآيات المواريث، فيبقى الأقارب غير الوارثين ممن يوصى لهم‏.‏

وأما الوصية في المساجد فأمرها معلوم، لأن من بنى لله تعالى مسجداً بنى الله تعالى له بيتاً في الجنة، ولأن المسلمين ينتفعون بالمساجد بالصلوات، وحلق الذكر، وغير ذلك مما يكون صدقة مستمرة للميت‏.‏

* * *

692 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم إعطاء الزكاة لطالب العلم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ طالب العلم المتفرغ لطلب العلم الشرعي وإن كان قادراً على التكسب يجوز أن يعطى من الزكاة، لأن طلب العلم الشرعي نوع من الجهاد في سبيل الله، والله تبارك وتعالى جعل الجهاد في سبيل الله جهة استحقاق في الزكاة، فقال‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏}

أما إذا كان الطالب متفرغاً لطلب علم دنيوي فإنه لا يعطى من الزكاة، ونقول له‏:‏ أنت الآن تعمل للدنيا، ويمكنك أن تكتسب من الدنيا بالوظيفة، فلا نعطيك من الزكاة‏.‏

ولكن لو وجدنا شخصاً يستطيع أن يكتسب للأكل والشرب والسكنى، لكنه يحتاج إلى الزواج وليس عنده ما يتزوج به فهل يجوز أن نزوجه من الزكاة‏؟‏

الجواب‏:‏ نعم، يجوز أن نزوجه من الزكاة، ويعطى المهر كاملاً‏.‏

فإن قيل‏:‏ ما وجه كون تزويج الفقير من الزكاة جائزاً ولو كان الذي يعطى إياه كثيراً‏؟‏

قلنا‏:‏ لأن حاجة الإنسان إلى الزواج ملحة، قد تكون في بعض الأحيان كحاجته إلى الأكل والشرب، ولذلك قال أهل العلم‏:‏ إنه يجب على من تلزمه نفقة شخص أن يزوجه إذا كان ماله يتسع لذلك، فيجب على الأب أن يزوج ابنه إذا احتاج الابن للزواج ولم يكن عنده ما يتزوج به، لكن سمعت أن بعض الآباء الذين نسوا حالهم ـ حال الشباب ـ إذا طلب ابنه منه الزواج قال له‏:‏ تزوج من عرق جبينك، وهذا غير جائز وحرام عليه إذا كان قادراً على تزويجه، وسوف يخاصمه ابنه يوم القيامة إذا لم يزوجه مع قدرته على تزويجه‏.‏

وهنا مسألة‏:‏ لو كان لرجل عدة أبناء منهم الذي بلغ سن الزواج فزوجه، ومنهم الصغير فهل يجوز لهذا الرجل أن يوصي بشيء من ماله يكون مهراً للأبناء الصغار لأنه أعطى أبناءه الكبار‏؟‏

الجواب‏:‏ لا يجوز للرجل إذا زوج أبناءه الكبار أن يوصي بالمهر لأبنائه الصغار، ولكن يجب عليه إذا بلغ أحد من أبنائه سن الزواج أن يزوجه كما زوج الأول‏.‏ أما أن يوصي له بعد الموت فإن هذا حرام، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث‏"‏‏.‏

* * *

792 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز دفع الزكاة للمجاهدين‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إن الله جعل من أصناف أهل الزكاة المجاهدين في سبيل الله، فالمجاهدون في سبيل الله يجوز أن نعطيهم من الزكاة، ولكن مَن المجاهد في سبيل الله‏؟‏ المجاهد في سبيل الله بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل ليرى مكانه أي ذلك في سبيل الله‏؟‏ فأعطانا نبي الله صلى الله عليه وسلم ميزاناً قيماً قسطاً فقال‏:‏ ‏"‏من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله‏"‏ فكل من قاتل لهذا الغرض لإعلاء كلمة الله، وتحكيم شريعة الله، وإحلال دين الله تعالى في بلاد الكفار فإنه في سبيل الله، يعطى من الزكاة، إما أن يعطى دراهم يستعين بها على الجهاد، وإما أن تشترى معدات لتجهيز الغزاة‏.‏

* * *

892 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم سؤال الناس من أموالهم من غير حاجة، حيث إن هذا يوجد من بعض النساء في الأسواق‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ السؤال من غير حاجة حرام، سواء للنساء أو للرجال أو غيرهم‏.‏

* * *

992 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ دعم المسلمين في الخارج، البعض يقول‏:‏ هناك فئات معينة عندها بدعة، لا تدفع الأموال إليها، فما هو الضابط‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ المسلمون في الخارج لا شك أن كثيراً منهم ـ وليس كلهم ـ عندهم بدعة، والبدعة، منها‏:‏ ما يُعذر فيه الإنسان، ومنها‏:‏ ما يصل إلى درجة الفسق، ومنها‏:‏ ما يصل إلى درجة الكفر، فأصحاب البدعة المكفِّرة لا تجوز معونتهم إطلاقاً، وإن تسموا بالإسلام، لأن تسميتهم بالإسلام مع الإقامة والإصرار على البدعة المكفرة بعد البيان يُلحقهم بالمنافقين الذين قالوا نشهد إنك لرسول الله، فقال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَذِبُونَ ‏}‏‏.‏

أما البدع المفسقة أو التي يُعذر فيها الإنسان بعذر سائغ، فإن بدعتهم هذه لا تمنع معونتهم، فيعاونون على أعدائهم الكفار؛ لأنهم لا شك خير من هؤلاء الكفار‏.‏

* * *

003 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز إخراج زكاة مالي لابنة خالتي وهي يتيمة الأب ولها معاش، ولكنه يسير لا يكفي نفقات تعليمها‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نعم دفع الزكاة لمن لا تجب عليك نفقته من الأقارب جائز، بل هو أولى إذا كانوا من أهل الاستحقاق، فإن الصدقة على القريب صدقة وصلة، كما جاء به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فابنة الخالة إذا كان معاشها لا يكفيها هي وعائلتها، فإن دفع الزكاة إليها لإتمام مؤونتها وعيالها أفضل، ولا حرج في ذلك‏.‏

وأما القريب الذي تلزم نفقته الإنسان فإنه لا يجوز أن تصرف إليه الزكاة، لأن دفعها إليه يستلزم إسقاط النفقة عن الإنسان، فتكون قد دفعت الزكاة في واجب يلزمك سوى الزكاة، والزكاة لا يمكن أن تصرف في واجب غيرها، والله الموفق‏.‏

* * *

103 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عن حكم دفع زكاة الفطر للأقارب الفقراء‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ يجوز أن تدفع زكاة الفطر، وزكاة المال إلى الأقارب الفقراء، بل إن دفعها إلى الأقارب أولى من دفعها إلى الأباعد؛ لأن دفعها إلى الأقارب صدقة وصلة، لكن بشرط ألا يكون في دفعها حماية ماله، وذلك فيما إذا كان هذا الفقير تجب عليه نفقته أي على الغني، فإنه في هذه الحال لا يجوز له أن يدفع حاجته بشيء من زكاته، لأنه إذا فعل ذلك فقد وفر ماله بما دفعه من الزكاة، وهذا لا يجوز ولا يحل، أما إذا كان لا تجب عليه نفقته، فإن له أن يدفع إليه زكاته، بل إن دفع الزكاة إليه أفضل من دفعها للبعيد لقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏صدقتك على القريب صدقة وصلة‏"‏‏.‏

* * *

203 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم دفع الزكاة للأقارب‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ القاعدة في ذلك أن كل قريب تجب نفقته على المزكي فإنه لا يجوز أن يدفع إليه من الزكاة ما يكون سبباً لرفع النفقة عنه‏.‏ أما إذا كان القريب لا تجب نفقته كالأخ إذا كان له أبناء، فإن الأخ إذا كان له أبناء فلا يجب على أخيه نفقته نظراً لعدم التوارث لوجود الأبناء، وفي هذه الحال يجوز دفع الزكاة إلى الأخ إذا كان من أهل الزكاة، كذلك أيضاً لو كان للإنسان أقارب لا يحتاجون الزكاة في النفقة، لكن عليهم ديون فيجوز قضاء ديونهم، ولو كان القريب أباً، أو ابناً، أو بنتاً، أو أمًّا مادام هذا الدين الذي وجب عليهم ليس سببه التقصير في النفقة‏.‏

مثال ذلك‏:‏ رجل حصل على ابنه حادث وألزم بغرامة السيارة التي أصابها وليس عنده مال، فيجوز للأب أن يدفع الغرم الذي على الابن من زكاته ـ أي من زكاة الأب ـ لأن هذا الغرم ليس سببه النفقة، بل إنما وجب لأمر لا يتعلق بالإنفاق، وهكذا كل من دفع زكاة إلى قريب لا يجب عليه أن يدفعه بدون سبب الزكاة، فإن ذلك جائز من الزكاة‏.‏

* * *

303 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم دفع الإنسان زكاته إلى أصله وفرعه‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ دفع الزكاة إلى أصله وفرعه أعني آباءه وأمهاته وإن علوا، وأبناءه وبناته وإن نزلوا إن كان لإسقاط واجباً عليه لم تجزئه، كما لو دفعها ليسقط عنه النفقة الواجبة لهم عليه إذا استغنوا بالزكاة، أما إن كان في غير إسقاط واجب عليه فإنها تجزئه، كما لو قضى بها ديناً عن أبيه الحي‏.‏ أو كان له أولاد ابن وماله لا يحتمل الإنفاق عليهم وعلى زوجته وأولاده، فإنه يعطي أولاد ابنه من زكاته حينئذ؛ لأن نفقتهم لا تجب عليه في هذه الحال، وبذل الزكاة للأصول والفروع في الحال التي تجزىء أولى من بذلها لغيرهم؛ لأن ذلك صدقة وصلة‏.‏

كتب هذ الجواب محمد الصالح العثيمين في 7/2/1041هـ‏.‏

* * *

403 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ إنسان عنده ابن أو أم أو أخت من الذين يلزمه نفقتهم ويريد أن يخرج الزكاة وقلتم من تلزمه نفقته لا يصح إخراج الزكاة إليه، فمن الذين يلزم نفقتهم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ كل من تلزمه نفقته فإنه لا يجوز أن يدفع زكاته إليهم من أجل النفقة، أما لو كان في قضاء دين فلا بأس، فإذا فرضنا أن الوالد عليه دين، وأراد الابن أن يقضي دينه من زكاته وهو لا يستطيع قضاءه فلا حرج، وكذلك الأم وكذلك الابن، أما إذا كنت تعطيه من زكاتك من أجل النفقة فهذا لا يجوز، لأنك بهذا توفر مالك، والنفقة تجب للوالدين، الأم والأب، وللأبناء والبنات، ولكل من ترثه أنت لو مات، أي كل من ترثه لو مات فعليك نفقته، لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ ءَاتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ‏}‏‏.‏ فأوجب الله على الوارث أجرة الرضاع؛ لأن الرضاع بمنزلة النفقة‏.‏

* * *

503 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ أنا معلمة أعمل في إحدى المدارس وحالتي المادية ولله الحمد جيدة، ولي أخ مريض يشتغل شهراً ويجلس الآخر وأنا أساعده ولا أقصر عليه، ولكن هل يجوز لي أن أعطيه زكاتي كلها، حيث إنه ليس له أي كسب غير راتبه اليسير إذا اشتغل، وهل يجوز أن أعطيها إياه دون أن أعلمه أنها زكاة، لكي لا أخدش شعوره‏؟‏ أفيدونا جزاكم الله خيراً‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا كان أخوك فقيراً لا يكفيه راتبه، أو أجرة عمله للقيام بمصارفه ومصارف عائلته فإنه يجوز لك أن تعطيه من زكاتك، بل إنها أفضل من إعطائها لمن ليس بقريب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏صدقة على ذي الرحم صدقة وصلة‏"‏، أي القريب، أما إذا كان راتبه يكفيه فلا يجوز له أن يأخذ الزكاة‏.‏

وأما إخباره بأنها زكاة‏:‏ فإذا كان فقيراً وتعلمين أنه يقبل الزكاة فلا بأس أن تعطيه، ولو لم يعلم أنها زكاة، أما إذا علمت أنه لا يقبلها إذا كانت زكاة، ففي هذه الحال لا تعطيه شيئاً حتى تخبريه أنها زكاة‏.‏ والله الموفق‏.‏

* * *

603 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل تعطى الأم من الرضاعة والأخت من الرضاعة من الزكاة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نعم تعطى الأم من الرضاعة من الزكاة، والأخت من الرضاعة إذا كن مستحقات للزكاة، وذلك لأن الأم من الرضاعة والأخت من الرضاعة لا يجب النفقة عليهن، فهن يعطين من الزكاة بشرط أن تثبت فيهما صفة الاستحقاق‏.‏

* * *

703 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما حكم جعل الزكاة في الأقارب المحتاجين‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الزكاة في الأقارب الذين هم من أهلها أولى من أن تكون في غير الأقارب؛ لأن الصدقة على الأقارب صدقة وصلة، فإذا كان أخوك، أو عمك، أو أختك، أو عمتك من أهل الزكاة فهم أولى بها من غيرهم، لكن إذا كانوا يأخذون الزكاة لحاجتهم وأنت تجب عليك نفقتهم فإنه لا يجوز أن تعطيهم من الزكاة في هذه الحال، لأنك إذا أعطيتهم من الزكاة رفدت مالك ووقيته مما تعطيهم من الزكاة، فإذا قدرنا أن لك أخاً فقيراً وأنت عندك زكاة ونفقته تجب عليك، فإنه لا يجوز أن تعطيه لفقره لأنك إذا أعطيته لفقره، رفدت مالك ووقيته مما تعطيه، إذ لو لم تعطه من الزكاة لوجب عليك الإنفاق عليه‏.‏

أما لو كان على أخيك هذا دين لا يستطيع وفاءه، مثل أن يحصل منه إتلاف شيء، أو جناية على أحد، ويلزمه مال، ففي هذه الحال يجوز أن تقضي دينه من زكاتك، لأنه لا يجب عليك قضاء دينه، وإنما الواجب عليك نفقته‏.‏

وقاعدة ذلك ‏:‏أن الأقارب إذا أعطاهم الإنسان الزكاة من ماله، أو زكاة ماله لدفع حاجتهم وهم ممن تجب عليه نفقتهم، فإن ذلك لا يصح، وإن أعطاهم لدفع أمر لا يلزمه القيام به، فإن هذا جائز، بل هم أحق بذلك من غيرهم‏.‏

فإن قال قائل‏:‏ ما دليلك على هذا‏؟‏

قلنا‏:‏ الدليل عموم الأدلة، بل عموم آية الصدقة التي أشرنا إليها فيما سبق، وإنما منعنا إعطائهم فيما إذا كان إعطاؤهم لدفع حاجتهم التي يجب عليك دفعها، لأن هذا من باب إسقاط الواجب على الإنسان بالحيلة، والواجب لا يمكن إسقاطه بالحيل‏.‏

* * *

803 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ ما هو التمثيل لدفع المال إلى الوالد أو الوالدة في ما لا يجب على الإنسان‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ هذا مثلاً أبوك اشترى سيارة بخمسة آلاف ريال واحترقت السيارة لزمه خمسة آلاف ريال، وأنت لا يلزمك أن تدفع له؛ لأن هذا ليس من النفقة، فيجوز لك أن تقضي دينه هذا من زكاتك، وكذلك لو لزم أحد من أقاربك الآخرين شيء من أجل جناية أو إتلاف، فإنه يجوز لك أن تدفع زكاتك في قضاء هذا الشيء‏.‏

* * *

903 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يصح لي إخراج زكاة المال أو زكاة الفطر إلى إخواني وأخواتي القاصرين الذين تقوم على تربيتهم والدتي بعد وفاة والدنا رحمه الله‏؟‏ وهل يصح دفع هذه الزكاة إلى إخواني وأخواتي غير القاصرين ولكنني أشعر أنهم محتاجين إليها ربما أكثر من غيرهم من الناس الذين أدفع لهم هذه الزكاة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إن دفع الزكاة إلى الأقارب الذين هم من أهلها أفضل من دفعها إلى من هم ليسوا من قرابتك؛ لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة إلا إذا كان هؤلاء الأقارب ممن تلزمك نفقتهم، وأعطيتهم من الزكاة ما تحمي به مالك من الإنفاق فإن هذا لا يجوز، فإذا قدر أن هؤلاء الإخوة الذين ذكرت والأخوات فقراء وإن مالك لا يتسع للإنفاق عليهم فلا حرج عليك أن تعطيهم من زكاتك، وكذلك لو كان هؤلاء الإخوة والأخوات عليهم ديون للناس وقضيت ديونهم من زكاتك فإنه لا حرج عليك في هذا أيضاً، وذلك لأن الديون لا يلزم القريب أن يقضيها عن قريبه فيكون قضاؤها من زكاته أمراً مجزياً، حتى ولو كان ابنك، أو أباك وعليه دين لأحد ولا يستطيع وفاءه، فإنه يجوز لك أن تقضي دين أبيك من زكاتك، ويجوز أن تقضي زكاة ولدك من زكاتك بشرط أن لا يكون سبب هذا الدين تحصيل نفقة واجبة عليك، فإن كان سببه تحصيل نفقة واجبة عليك فإنه لا يحل لك أن تقضي الدين من زكاتك؛ لئلا يتخذ ذلك حيلة على منع الإنفاق على من تجب نفقتهم عليه، لأجل أن يستدين ثم يقضي ديونهم من زكاته‏.‏

* * *

رسالة

بسم الله الرحمن الرحيم

من الولد‏.‏‏.‏‏.‏ إلى جناب الوالد المكرم الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين حفظه الله تعالى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد‏:‏

نهنئكم بحلول عيد الفطر المبارك، جعلنا الله وإياكم فيه من المقبولين، وبعد أمتعنا الله في حياتك، إذا كان عندي يتامى ويأتيني صدقات من الناس لهم فأنا وكيل عليهم، هل تكون داخلة في مالهم يتصدقون منها ويضحّون منها‏؟‏ وأيضاً إذا كان عندي صدقة وهنا أخ شقيق، أو أخت شقيقة وهم محتاجين هل يجوز دفع زكاتي لهم أم لا‏؟‏ وأيضاً إذا رفع الإمام من الركوع ولم يركع معه المأموم وتابعه في السجود من غير ركوع وانقضت الصلاة فما الحكم‏؟‏

وأيضاً إذا أرسل لي إنسان زكاة ماله وهو قد وزعها حسب كشف مرفق، وأنا أرى أن هناك من هم أحق من بعض الذي وزعها عليهم هل يجوز لي صرفها لهم بدون إذن منه أم لا‏؟‏ وما التسبيد الوارد في صفة الخوارج‏؟‏

أفتيني أثابك الله الجنة بمنه وكرمه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏

بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

من محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم حفظه الله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كتابكم الكريم المؤرخ ‏(‏1‏)‏ الجاري قرأته مسروراً بصحتكم الحمد لله على ذلك‏.‏

نشكركم على التهنئة بعيد الفطر، ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم ومن جميع المسلمين‏.‏

سؤالكم عن الأيتام الذين تحت وصايتكم يأتيكم لهم صدقات وتضعونها في أموالهم إلخ‏.‏

جوابه‏:‏ إن كانت الصدقات التي تأتيهم صدقات تطوع فلا بأس من قبولكم إياها وضمها إلى أموالهم وتكون ملكاً لهم يجوز فيها ما يجوز في بقية أموالهم‏.‏

وإن كانت الصدقات التي تأتيهم زكوات فإنه لا يجوز لكم قبولها ولا ضمها إلى أموالهم، إلا أن يكونوا من أحد الأصناف الثمانية، الذين جعل الله الزكاة لهم دون غيرهم، وإذا كانوا من أحد الأصناف وقبضت لهم الزكاة دخلت في ضمن أموالهم وجاز فيها ما يجوز في بقية أموالهم‏.‏

وسؤالكم عما إذا كان لكم أخ، أو أخت شقيقة فهل يجوز دفع زكاتك إليه‏؟‏

جوابه‏:‏ إن كان دفعك الزكاة إليه يتضمن إسقاط واجب له عليك، مثل أن تكون نفقته واجبة عليك فتعطيه من الزكاة، لتوفر مالك عن الإنفاق عليه فهذا لا يجوز، لأن الزكاة لا تكون وقاية للمال، وإن كان لا يتضمن إسقاط واجب له، مثل أن تكون نفقته غير واجبة عليك، لكونك لا ترثه، أو لكون مالك لا يتحمل الإنفاق عليه مع عائلتك، أو تعطيه لقضاء دين عليه لا يستطيع وفاءه، فهذا جائز أن تدفع زكاتك إليه، بل هو أفضل من غيره وأولى لأن إعطاءه صدقة وصلة‏.‏

وسؤالكم عما إذا تابع المأموم إمامه في السجود ولم يركع وانقضت الصلاة‏؟‏

جوابه‏:‏ يأتي المأموم بركعة بدل الركعة التي ترك ركوعها ويسجد للسهو، إلا أن يتعمد ترك الركوع مع علمه فتبطل صلاته ويستأنفها من جديد‏.‏

وسؤالكم عما إذا أرسل لكم شخص زكاته لتوزيعها حسب كشف مرفق إلخ‏.‏

جوابه‏:‏ يجب عليكم توزيعها حسب الكشف إن كانوا مستحقين، ولا يجوز أن تصرفوها لغيرهم، وإن كانوا أحق منهم، فإن كنتم ترون أن الذين في الكشف غير مستحقين فإنه يجب عليكم التوقف عن الصرف إليهم، وإخبار صاحب الزكاة أنهم غير مستحقين، فإن أذن لكم بصرف نصيبهم إلى مستحق للزكاة فاصرفوه وإلا فردوه إليه‏.‏

وسؤالكم عن التسبيد الواقع في صفة الخوارج‏.‏

جوابه‏:‏ التسبيد الواقع في صفة الخوارج، قيل‏:‏ بمعنى التحليق، وقيل‏:‏ بل هو أبلغ، وقيل‏:‏ ترك دهن الشعر وغسله، وقيل‏:‏ كثرة ذلك، ولعل هذا أولى، فيكون بعضهم يحلق، وبعضهم يسبد مبالغة في النظافة، والمراد بالتحليق كثرة حلق الشعر بحيث كلما نبت حلقوه، هذا أحسن ما قيل فيه، والله أعلم‏.‏

هذا ما لزم والله يحفظكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏/6931هـ‏.‏

013 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ أخي الكبير حالته المادية ضعيفة ولديه أسرة كبيرة ودخله الشهري لا يكفيه لإيجار منزل أو مصروف للعائلة، فهل يجوز أن أدفع له زكاة أموالي وذهب زوجتي وغير ذلك من أنواع الزكاة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ نعم يجوز أن تدفع الزكاة لأخيك الفقير وأولاده، بل هذا أفضل من دفعها للأباعد، لأنها على القريب صدقة وصلة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، أما الفقير القريب الذي تجب عليك نفقته فإنه لا يجوز أن تدفع زكاتك إليه؛ لأن دفع زكاتك إليه، يفضي إلى سقوط النفقة الواجبة عليك، فتكون في دفعك للزكاة مثرياً لمالك، ولكن لو كان قريبك هذا عليه دين لا يستطيع وفاءه، فلك أن تقضي دينه من الزكاة، ولو كان أقرب قريب إليك، لأن من تجب نفقته لا يلزمك قضاء دينه، فمثلاً لو حصل على قريبك غرم مالي في حادث أو بغيره مما لا تتحمله عنه، فإنه يجوز لك أن تقضي دينه من زكاتك إذا كان لا يستطيع الوفاء، حتى ولو كان أباك أو ابنك‏.‏ وعلى هذا فلو أن ابنك صدم سيارة وغرم خمسة آلاف ريال مثلاً، وليس عنده ما يوفي هذه الغرامة، فقضيت هذه الغرامة من زكاة مالك فإنه لا بأس بذلك‏.‏ وكذلك لو كان هذا من الأب الذي لا يستطيع الوفاء بهذا الغرم فدفع ابنه غرمه من زكاته، فإن ذلك لا بأس به؛ لأن الابن لا يلزمه قضاء الدين عن أبيه، وإن كان الأفضل أن يقضيه عنه لأنه من البر‏.‏

ولكن لو قيل‏:‏ هل الأولى أن أدفع دين الغارم مباشرة إلى غريمه، أو أن أعطيه الغارم ليدفعه بنفسه‏.‏

فالجواب‏:‏ في ذلك تفصيل‏:‏ إن كان الغارم حريصاً على قضاء دينه، أميناً على ما أعطيه ليقضي به الدين فالأولى إعطاؤه إياه ليوفيه بنفسه، وإن كان الغارم على غير ما قلنا فالأولى أن يدفع دينه مباشرة إلى غريمه؛ لأنه لا يشترط في قضاء الدين أن يسلم إلى المدين‏.‏

* * *

113 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ الأخت إذا كانت ذات زوج وهي فقيرة وزوجها فقير فهل يجوز أن يعطيها أخوها من زكاته‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا بأس أن يعطيها من زكاته‏.‏

* * *

213 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يصح إخراج الزكاة للابنة المتزوجة المحتاجة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ كل من اتصف بوصف يستحق به الزكاة فالأصل جواز دفع الزكاة إليه، وعلى هذا فإن كان الرجل لا يمكنه أن ينفق على ابنته وأولادها فيدفع الزكاة إليها، والأفضل والأحوط والأبرأ للذمة أن يدفعها إلى زوجها‏.‏

* * *

313 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز أن أدفع من زكاة مالي لبناتي المتزوجات علماً بأنهم فقراء‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ ذكر العلماء أن الإنسان لا يدفع الزكاة إلى ذريته، ولا لآبائه، ولا لأمهاته ـ أي لا أصوله ولا فروعه ـ وهذا إذا كانت تدفع إليه من أجل دفع الحاجة، أما إذا كانت عليهم ديون ليس سبيلها النفقة فيجوز دفعها إليهم، لأنه لا يلزمه قضاء ديونهم، ولذلك لا يكون دفع زكاته لهم توفيراً لماله‏.‏

وخلاصة الجواب‏:‏ أن هذا الرجل الذي عنده بنات متزوجات وأزواجهن فقراء إذا لم يكن عنده مال يتسع للإنفاق عليهن فلا بأس أن يدفع زكاته إليهم، وليدفع المال إلى الأزواج؛ لأنهم هم المسؤولون عن الإنفاق، فلا بأس بذلك على كل حال‏.‏

* * *

413 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل تحل الزكاة والصدقة لبني هاشم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ أما الصدقة فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تحل لآل محمد، وهم بنو هاشم‏.‏ لكن هل هذا خاص في الصدقة الواجبة وهي الزكاة، أو عام في الصدقة الواجبة وصدقة التطوع‏؟‏

على قولين للعلماء‏:‏ من العلماء من قال‏:‏ إنه يجوز للهاشمي أن يأخذ زكاة الهاشمي، ومن العلماء من قال‏:‏ إذا لم يكن لهم خمس مما أفاء الله فلهم أخذ الزكاة من أجل دفع ضرورتهم، وهو خير لهم من سؤال الناس، والله أعلم‏.‏

كتبه محمد الصالح العثيمين في 61/6/9041هـ‏.‏

* * *

513 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز دفع زكاة الفطر لمن ينتسبون لهذا البيت، إذا كانوا فقراء ولا يجدون مالاً، ولا يأخذون من بيت المال شيئاً‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الصدقة لا تحل لآل محمد، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لعمه العباس ـ رضي الله عنه ـ‏:‏ ‏"‏إن الصدقة لا تحل لآل محمد إنما هي أوساخ الناس‏"‏‏.‏ فمن كان من آل البيت فإن الصدقة لا تحل له، سواء كانت زكاة الفطر، أو زكاة المال، لكن ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ إلى أنه إذا كان لم يكن خمس يعطون منه فإنهم يعطون من الزكاة لدفع حاجتهم، وإعطاؤهم من الزكاة لدفع حاجاتهم أهون من كونهم يتكففون الناس ويسألون الناس، فإن ذلهم بتكفف الناس وسؤال الناس أعظم من إعطائهم الصدقة، وهذا القول الذي ذهب إليه شيخ الإسلام له وجهة نظر، ومن أخذ بالعموم وقال‏:‏ إن آل البيت لا تحل لهم الصدقة مطلقاً، فلقوله أيضاً وجهة نظر‏.‏

* * *

613 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ نحن ممن ينتسب إلى بني هاشم، ويوجد من بيننا محتاجون وفقراء ومساكين، بل من أفقر الناس، ولا يوجد لديهم ما ينفقون سوى الضمان الاجتماعي للعجزة وكبار السن فقط، فهل يجوز إعطاؤهم الصدقة، سواء كانت هذه الصدقة من هاشمي مثلهم أو من غير هاشمي‏؟‏ وما الحكم إذا أعطيت لهم‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا كانت الصدقة صدقة تطوع فإنها تعطى إليهم ولا حرج في هذا، وإن كانت الصدقة واجبة فإنها لا تعطى إليهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إنما هي أوساخ الناس‏"‏ وبنو هاشم شرفهم الله عز وجل بألا يأخذوا من الناس أوساخهم، أما صدقة التطوع فليست وسخاً في الواقع، وإن كانت لا شك تكفر الخطيئة لكنها ليست كالزكاة الواجبة، ولهذا ذهب كثير من العلماء إلى أنهم يعطون من صدقة التطوع، ولا يعطون من الصدقة الواجبة‏.‏

* * *

713 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ إذا كان لدي مال تجب فيه الزكاة فهل يجوز أن أعطي الزكاة لوالدتي مع أنني لست القائم عليها، حيث إن الوالد موجود، ولكنه لا يعطيها مع إخواني الكفاية، فهل لي دفع الزكاة إليها فتصبح صدقة وصلة أم لا‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يجوز لك أن تدفع الزكاة إلى أمك، بل الواجب عليك أن تحسن إليها، وأن تبرها بما يقصر به والدك، ولها أن تأخذ من مال والدك ما يكفيها وولدها بالمعروف‏.‏ والله الموفق‏.‏

* * *

813 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ عن استقدام الكافرات وإعطائهن من الزكاة‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ الكلام على هذا السؤال من وجهين‏:‏

الوجه الأول‏:‏ استقدام الكافرات هل هو جائز أو ليس بجائز‏؟‏ فنقول‏:‏ ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرض موته، ويعتبر قوله هذا من آخر الوصايا، قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أخرجوا المشركين من جزيرة العرب‏"‏‏.‏ وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً‏"‏‏.‏ وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب‏"‏‏.‏ وإذا كان هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل يليق بنا أن نجلب الكفار إلى جزيرة العرب والرسول صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏أخرجوهم‏"‏ ويقول‏:‏ ‏"‏لأخرجنهم‏"‏‏؟‏

الجواب‏:‏ لا يليق بنا أن نستجلب النصارى، أو اليهود، أو المجوس، أو أي أحد من الكفار إلى جزيرة العرب، والحكمة من ذلك ظاهرة؛ لأن جزيرة العرب فيها أم القرى مكة، وهي أصل الإسلام ومنتهى الإسلام، أما كون جزيرة العرب أصل الإسلام فهذا واضح فالإسلام انبعث من جزيرة العرب، وأما كونها منتهى الإسلام فلأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز ـ أي ترجع ـ الحية إلى جحرها، فصار من هذه الجزيرة بدء الإسلام، وإليها يعود، ولذلك كان لها صيانة خاصة عن الكفار حتى لا يكون فيها إلا مسلم، ولا شك أن الاختلاط بغير المسلمين يسبب أضراراً كبيرة على المسلمين منها‏:‏ فقد الغيرة، فإنه إذا كان هذا الكافر مخالطاً للمسلم في بيته، وسوقه، وسيارته، ودكانه، فإن الكراهة التي كان يضمرها لأعداء الله من غير المسلمين تخف، وربما تزول بالكلية وهذه محنة عظيمة، يقول الله تعالى فيها‏:‏ ‏{‏لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا ءَابَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَْنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ‏}‏‏.‏ فالذي أنصح به إخواني المسلمين أن يبدلوا هؤلاء الكفار بمسلمين فإن الله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُواْ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ‏}‏‏.‏ ويقول سبحانه‏:‏ ‏{‏وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُواْ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ‏}‏‏.‏

أما إعطاؤهم من الزكاة فلا يجوز أن يعطوا من الزكاة ولا من الكفارات، والله أعلم‏.‏

* * *

913 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز دفع الزكاة لأهل البدع‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ البدع تنقسم إلى قسمين‏:‏

القسم الأول‏:‏ بدع مكفرة يخرج بها الإنسان من الإسلام، فهذه لا يجوز أن تدفع الزكاة لمن كان متصفاً بها، مثل من يعتقد أن النبي صلى الله عليه وسلم يجيب دعاء من دعاه، أو يستغيث بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو يعتقد بأن الله بذاته في كل مكان، أو ينفي علو الله عز وجل على خلقه، وما أشبه ذلك من البدع‏.‏

القسم الثاني‏:‏ البدع التي دون ذلك، والتي لا توصل صاحبها إلى الكفر فإن صاحبها من المسلمين، ويجوز أن يعطى من الزكاة إذا كان من الأصناف الذين ذكرهم الله في كتابه‏.‏

* * *

023 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز دفع الزكاة للكافر والفاسق‏؟‏ ودفعها لمن لا يصلي‏؟‏ ودفعها لمن يستعين بها على معاصي الله‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ أما الكافر فإنه لا تدفع إليه الزكاة إلا من كان من المؤلفة قلوبهم، فإن كان من المؤلفة قلوبهم جاز أن تدفع لهم الزكاة‏.‏

وأما الفاسق من المسلمين فإنه يجوز أن تدفع إليه الزكاة، ولكن صرفها إلى من كان أقوم في دين الله أولى من هذا‏.‏

وأما إذا كان لا يصلي فإن تارك الصلاة كافر مرتد لا يجوز أن تصرف له الزكاة؛ لأن ترك الصلاة كفر مخرج عن الملة، وعليه فإنه ليس أهلاً للزكاة إلا أن يتوب ويرجع إلى الله عز وجل ويصلي فإنه تصرف إليه الزكاة‏.‏

ولا ينبغي أن تصرف الزكاة لمن يستعين بها على معاصي الله ـ عز وجل ـ مثل أن نعطي هذا الشخص زكاة فيشتري بها آلات محرمة يستعين بها على المحرم، أو يشتري بها دخاناً يدخن به وما أشبه ذلك، فهذا لا ينبغي أن تصرف إليه؛ لأننا بذلك قد نكون أعناه على الإثم والعدوان والله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ آلْعِقَابِ ‏}‏‏.‏ فإن علمنا أو غلب على ظننا أنه سيصرفها في المحرم فإنه يحرم إعطاؤه للآية السابقة‏.‏

* * *

123 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز إعطاء الفقير الكافر زكاة الفطر‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ لا يجوز إعطاؤها إلا للفقير من المسلمين‏.‏

* * *

223 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ‏:‏ هل يجوز للوكيل في الزكاة أن يعطيها لغير من عينه صاحب الزكاة إذا كان الثاني أشد فقراً ممن عينه صاحب الزكاة أم لا‏؟‏

فأجاب فضيلته بقوله‏:‏ إذا قال صاحب الزكاة‏:‏ خذ هذه الأموال وأعطها فلاناً، فلا يجوز أن يعطيها غيره ولو كان أفقر‏.‏ ولكنني أرتب على هذا السؤال سؤالاً آخر وهو‏:‏ لو كان المعين غنيًّا وصاحب الزكاة لا يدري عنه فهل يجوز دفعها له‏؟‏

الجواب‏:‏ أنه لا يجوز، فإذا قال للوكيل‏:‏ خذ هذه الدراهم زكاة أعطها فلاناً‏.‏ والوكيل يعلم أن فلاناً غير مستحق، فلا يحل له أن يعطيه إياها، ولكن عليه أن يقول لصاحب الزكاة‏:‏ إن فلاناً لا تحل له الزكاة، وفي هذا إحسان لدافع الزكاة، والمدفوعة إليه بمنعه من أخذ ما ليس له‏.‏ والله الموفق‏.‏